أزهار الملح🌸


4 تعليقات

لم تجف أزهاري…

أم المعترين
أم اليتامى
أم القطط
كل هذه الألقاب كانوا يطلقونها عليّ من صادفتهم بحياتي..
أم المعترين لأن كانت أولوياتي المعترين في كل مكان
أم اليتامى لأني كنت مسؤولة عن ما يقارب 350 يتيم في حياتي الثورية..
و أم القطط لأني اعتنيت بما يقارب 150 قطة منها 40 في منزلي بفترات متفرقة و البقية في الشوارع..
لا تهمني الأرقام كل ما كان يشغلني الأرواح.. و العطاء
و الحنية..
لدي فائض من الحنية لذلك احتجت ان أضعها في مكانها المناسب
و كانت هذه الأماكن المناسبة في وجهة نظري..
لطالما ظننت إني لن أكون أم جيدة ابداً
أو إني لن أصبح أم
كانت هذه الأفكار تراودني طيلة حياتي إلى أن تزوجت و أصبحت أم مصادفة..
و مصادفة كان حملي متعب جداً.. لم أستطع تناول رشفة ماء و لا ملعقة طعام
كل أسبوع اذهب الى المستشفى ليضعو لي السيروم المغذي
استفرغ و بقوة دون أن آكل او اشرب اي شيء
كيف ذلك لا أدري!
لطالما أحببت التدخين و لكني كرهته أيضآ مصادفة
تخيلت لفترة بأني لن اكمل حملي ولكن طفلي كان يقاوم مثلي.. لديه روح الثورة.. هذا ما أخبرني به منذ اول اسبوع..
كل ما كان يشغلني أن يكون ابني بخير وان يصله الغذاء الكافي من جسدي المتعب.
بدأ يتحرك.. رقص قلبي لم أعرف معنى أن يرقص القلب إلا حين شعرت به يتحرك داخلي..
و اتممت أشهر الحمل بكل تعب و غضب و حب و أمل و شوق و عصبية و نزق..
كل تلك المشاعر كانت داخلي وكأني خلاط كهربائي لا يتوقف..
ولدت ابني بتاريخ 1 نسيان
بنفس اليوم الذي اخبره فيه زوجي أن يأتي و هو يدس بطني
“بابا تعا ب 1 الشهر لا ترد ع أمك نزيل على راحتك”
و سمع كلمة والده و لم يلتفت لاوجاعي و وزني و ضغطي المرتفع!
كانت أجمل و أنقى و أكثر لحظة حقيقية في حياتي..
و هو بين يدي و قلبي و أضلعي..
تخيلت للحظة بأنها كذبة نسيان اتذكر بأني صفعت نفسي اكثر من مرة ل أتأكد بأني لا أحلم.
شعرت للحظة بأني لن أكون بقدر عالي من المسؤولية و لن اقدر على الاهتمام فيه.. و بأنه صغير جدآ و بريء جدآ
على هذا العالم الموحش..
ماذا فعلت ؟ بكيت و بكيت و بكيت..
بدأ ابني يكبر و تكبر مسؤلياتي اتجاهه و شعوري و عاطفتي
و بدأت أشعر بأني لم أكن حنونة قبل أن يأتي.. الآن أنا حنونة زيادة عن اللزوم
أبكي إذ يبكي
اتوجع و أكل نفسي إذ مرض
أضرب رأسي إذ رطم رأسه و هو يزحف
قالت لي صديقتي القطرية مرة
” زيون ما يسوى كل هذا التعلق في ولدك تتعبين بعدين”
و كيف يجب أن اتعلق فيه؟ هل يخبرني أحدكم؟
سهرت ليالي كثيرة.. بكيت كثيراً و ضحكت أكثر
لم انسى أول ضحكة
دمعة
حرف و كلمة
لم انسى نظراته ولا انفعالاته ولا صوت دقات قلبه..
و لن أنسى أي شيء يتعلق به..
أشعر بأني وصلت في تعلقي به حد الجنون..
لا أنسى نظرات زوجي حين أخبرته بأني لن اسمح له بأن يتزوج و يتركني
نظر لي وقال الله يعينك يا ابني و ضحك..
أذكر بأن والدي كان يقول لي الشيء ذاته
أنا ما بدي زوجك بدي ياك ضلي عندي لكبرتي
وحين كانت أمي تغضب منه و تقول له شلون يعني ما بدك تزوجها
ينظر إليها و يقول بدي خللها عندي و يضحك و يقبلني.
لم انسى أيضآ نظرات ابي لي يوم عرسي.. قال لي لن ادخل القاعة لا استطيع أن أراك ترحلين عني..
و لكنه دخل… لم يطاوعه قلبه إلا يشاهدني عروس..
و اخي الصغير الذي سافر إلى دولة أوروبية كي لا يحضر عرسي..
قال لي شلون بدك تتركينا 23 سنة ربيناك مشان بالآخر تروحي و تتركينا.. أذكر إني بكيت يومها و اعتصر قلبي..
هو ذاته لم يطاوعه قلبه واتصل عبر تطبيق الايمو كي يشاهدني حتى إنه ابكاني أمام الجميع..
أيعقل أن أفعل نفس الشيء مع ابني.. لا أدري..
ابني الذي أتم عامه الثاني اليوم..
بكل اللحظات و الكلمات و الليل الطويل و الأزمات و المشاعر التي لم اعرف بوجودها إلى أن أصبحت أم.
فخورة بكل ما قدمته إلى اليوم
فخورة بابني و بأمومتي و بقلبي و تاريخي و تجاربي و فشلي و نجاحي.
فخورة بأني زوجة ل أعظم رجل عرفته بحياتي
و لأجمل طفل حملته بقلبي و عيوني قبل رحمي عذراً أيها المعترين.. القطط و اليتامى.. انا لست أمكم فقط
أنا أم لان لدي أجمل و أرق و أحن طفل بالعالم
آسر


تعليق واحد

الصلاة..

الصلاة حُضن أميْ ، حُضنُ أُميْ صلاة ..
حاولت تذكر أخر مرة صليت فيها-لا أقصد أخر مرة قمت بتمارين الصلاة الرياضية-وجدتها بكل حسرة و اسف قبل شهرين من الآن ، كانت فترة تعصف بقلبي ، وعواطفي وكيميائيات فؤادي وهرموانته ، فترة كساد عاطفي ، كنت اكثر الناس حاجة لملئ قلبي بجرعات من ذلك الشراب ، شراب الروح ، حينها جربت ولأول مرة في حياتي حقا الصلاة ! الصلاة ، بمعناها الحقيقي ! وصول، و صلة و تواصل اللقاء ، بينك وبين خالق السموات ، أن تصلي بحق يعني بأن تموت شوقاً لموعدها ، أن يشتاق فؤادك للحظة التي سيلتقي بها مع الحبيب ، وما كل حبيب حبيب ، أن تجعل الله حبيبك -وحتى كلمة حبيب لا تليق بعظمة تلك العلاقة بينك وبين ربك-يعني بأن تكون ذلك الطفل المسكين بين يديه ، الَّذِي كلما باغتته سخريات القدر راح يشكو له ، يبكي له ، ويتمنى ،ويتمنى ، بعد تلك الذّكرى ، رحت أتوضأ لأعاود الصلاة بتلك الروحانية وتلك القدسية وبذلك الجمال ، و لنفس تلك الاسباب ، عطش في القلب و ذَبَلان ، لا تتعجب ان قلت لك أني عاويت صلاتي سبع مرات ليرضى قلبي وليرتوي ،،، طبيعي هو ذلك التقلب و النسيان ، نسيان معنى عبادة الصلاة وفحواها ، لذلك لا تيأس ، و لا تحرم نفسك ابدا من متعة التذلل بها لله. لن أخبرك ما هي الصلاة ، ببعض من الخشوع و التقوى ، سيخبرك الله بذاته ما هي الصلاة .. نَافِذةُ الأَملِ اللامَحدودة … و تِرياق إمتعاض قلبك … وسبيل انتعاش قلبك ، بالأزهار و الورود .


أضف تعليق

هلوسات الحب .

كيف ستحب امرأة وهبت حياتها للمعترين و قطط الشوارع
كيف ستحب امرأة تسترد آملها حين تنظر بفرح إلى الغراب .
كيف ستحب امرأة تكتب كي لا تبكي
و تنمو من أصابعها !
كيف ستحب امرأة لم تقتلها قذيفة حاقدة
ولا رصاصة لئيمة
ولا حمولة طائرة دمرت بيتها و تركت قلبها يخفق بالخذلان !
كيف ستحب حفيدة عشتار !!
من تحمل في رحمها قبائل من القبلات ؟
من تتحدى موتك المحتمل بالكلمات ؟
من تهذي في حضرة الغياب بسبع أغنيات
كيف ستحب امرأة ينام الكون على خاصرتها
ولا تجد سرير آمن يعانق ما تبقى منها !
كيف ستحب امرأة تنزف الحب و الحياة
كيف ستنجب منها قبيلة من الأمنيات!
وسط كلّ هذا الخراب .
قل لي كيف ستخلص لامرأة مثلي
في حضرة نساءك رديئات النكهة !؟
و هل ستشفع لك دموع الملائكة المالحة !
حين تصرخ بأسمي قبل الوداع ؟.


أضف تعليق

مدينة الدم .. دوما

لا أحد يحترق إلا نحن .
أرسلت إلي هذه الجملة من هاتفها المحمول
قبل أن تغيب الشبكة من جديد .

بعد عدة دقائق انتشرت عدة صور ل مدينة دوما
و هي تحترق !
لا أحد اهتم ب الأمر في البداية
ليست أول مدينة سورية يحاصرها بشار الأسد ب الصواريخ و البراميل
و الحقد .
لكنها مدينة الدم . الحصار . الثأر و الورود
أصابع طفل تلوح وحيدة
رأيت هذه الصورة و لم أشعر بالدوار أبداً / ليست أول مرة .. كذلك لم أشعر به حين حملوا إياس فرحات و بدؤوا بالركض إلى المستوصف . كأن رأسه يميل إلى الأرض غطت دمائه كلّ ملامحه البديعة بعض الشيء /
بدأت ارتجف فقط
تماماً كما فعلت حين صرخ الرجال في الحيّ لمجرد سقوط صاروخين على حارة/ شارع القدس !
أخي هناك يا الله ..
لكن اخي لم يكن البارحة في دوما
قلبي كان هناك .. قلبي فقط .
حريّة للأبد غصب عنك يا أسد
بدأت ارددها وكأني في مظاهرة خرجت للتو من ساحة الطربوش !
كنت أسمع هذا الهتاف في أعماقي
ربما من استشهد في دوما بسبب الصواريخ اللئيمة كانوا يرددوها و هم يسقطون للأعلى

هل سيسجل التاريخ بأن شهداء الثورة السورية العظمى لم يسقطوا إلا للأعلى !
لا يهم ..
فقد سقطت إنسانية العالم المزيفة بسقوط اول شهيد على الأرض السورية
و سقطت إنسانية الشعب السوري البارحة
حين سقط الشهداء للسماء في دوما … و لم يذكرهم أحد
كم معاذ احترق في دوما يا أصحاب الضمائر العفنة !
لا أجد إجابة لأي سؤال يدور في رأسي
كل الذي أريد معرفته بأن دم دوما و أهل دوما لن يرخص عند السوري قبل العربي و الأجنبي !
و لن ينسى أحد الثأر الذي يثقل / ينزف في صدورنا
و لن نتأخر في الإنتقام
لمدينة الدم … بالدم .

لهذه اللحظة أحاول الإتصال بها إلا أن الشبكة غائبة عن تلك المدينة كرحمة قلوبنا !

‪#‎jesuisDouma‬


أضف تعليق

أنا الآن هاربة ..

مساء الأرض ..
أعلم بأنك تنتظر رسالة مني منذ عدة أيام
تأخرت هذه المرة لأنهم احتجزوني في ثكنة امنية قذرة .
و طلبوا مني التجسس على المقاتلين و أخبارهم بتنسيقيات المعارك القادمة
لا تقلق .. أعلم بأنك تسأل نفسك الآن عني
هل الحقوا الاذى بي ! الجسدي ام النفسي
اطمئن يا صديقي
لقد عذبوني قليلاً و قاموا ب إطفاء السجائر بجلدي
أصابعي التي احببتها أصبحت / مطفأة سجائر /
لكنها مازلت جميلة
و مازلت على العهد يا صديقي
لم اخذل قضيتي يوماً و لن أفعل
قلت لهم بأني موافقة على كل ما طلبوه
و بأنهم خدعوني و اوهموني بأن هنالك ثورة و شعب و قضية
و لا قضية إلا المقاومة الكاذبة التي ينتمون إليها / رغماً عنهم /
خرجت من الثكنة الأمنية يا صديقي
و الأرض تبتلعني و توهمني بأني بخير
أنا لست بخير يا صديقي .
بصقتني الأرض خارجها .
و هربت يا صديقي . أنا الآن هاربة .
هاربة من المجهول !

2013 /10 .


أضف تعليق

لم تكن رسائل ..

مساء العدم ..
عذراً لأني تأخرت بالكتابة لك , لكننا تحاصرنا أسبوع كامل قطعوا علينا الكهرباء و الماء و شبكات الاتصال و الانترنت .
ارسلت لك بعض صور الشهداء الذين سقطوا للسماء أثر اشتباك بتاريخ 2012/8
كي لا تنسى وجوههم ، أرجوك انشر صورهم في كل بقعة من بقع هذه الأرض القاسية.
هناك الكثير من الشهداء الذين لن يعرف بهم أحد يا صديقي.
هل أخبرتك بأنني كنتُ الأنثى الوحيدة في ساحة القتال / ( و الأجمل ) هذا ما قاله لي صديقنا قبل ان تخترق الرصاصة رأسه /
جميع النساء اختبئن داخل منازلهن و اصوات دموعهن كانت حاضرة في ساحة القتال .
حملن السكاكين الكبيرة يا صديقي دفاعاً عن أنفسهن من كلاب
/ شبيحة شارع نسرين /
أقسم لك بكل الأحزان التي تملأ صدري بأنني لم أشعر للحظة بأنوثتي حينها .
كنتُ أشعر بالعجز التام لأنهم لم يسمحوا لي بحمل السلاح
و قالوا لي ابقِ كما أنتِ نقية من هذه الحرب .
لا . يا صديقي انا لست نقية
لوثتني الحرب و لوثتني عروقهم التي انفجرت بالدماء حين صرخ البارود في وجوههم
” اقتلوني قبل أن اقتلكم ”
لم يقتلون البارود و لا الموت
لكنهم قتلوا أنفسهم بأنفسهم يا صديقي
على الجهة الثانية من الاشتباك كان يقف الجنود و يضعون على باب مقرهم
صورة /السفاح / الذي كان يختبئ في قصره البعيد آلاف الكيلو مترات عنهم .
و أمام عينيّ كان يقف عناصر الجيش الحر .
يتبادلون الرصاص و القنابل و القذائف الحاقدة .
للحظة يا صديقي تخيلت لو إنهم تركوا أسلحتهم جانباً و تبادلوا السلام
و الأزهار .
تلك الأزهار التي وضعتها على قبورهم بعد إستشهادهم
كانت تبكي . قلوبهم التي عرفت الحب . لكنها على خطوط النار لم تعرف سوى الثأر .
الثأر الذي بسببه إلى اليوم مازلت على قيد الحياة
لقد زرعوا فينا الحقد يا صديقي
و نحن … نحن ساعدناهم في ذلك و غرسنا ثمرات الكره تحت جلدنا الطاهر
كيف سنعود جميعاً ابناء بلد واحد !
قل لي يا صديقي كيف السبيل الوحيد لذلك !؟
لن نعود صدقني . و سأسقط أنا في المرة القادمة إلى قبري
ربما بقذيفة هاون تابعة للنظام
أو على الأرجح برصاصة شبيح زرعوا في رأسه جملة ‘ الاسد أو نحرق البلد ‘
لقد حرقوا البلد يا صديقي و لم يبقى إلا الأسد
متى سنأخذ بالثأر !
هل سأموت قبل ذلك
أرجوك حين يصلك خبر إستشهادي
لا تقل استشهدت دفاعاً عن الوطن / الأرض
قل لهم إني استشهدت دفاعاً عن السوري الذي كان يبكي داخل أجسادهم .
و لسذاجتي نسيت إني أنثى في تلك المعركة
حملت السلاح يا صديقي و قتلته .
قتلت الموت فيّ , قتلت آخر جندي في المعركة
قتلت الأنثى القابعة داخلي
و دفنتها بمقابر الشهداء الذين لن يكتب التاريخ عنهم يوماً .


أضف تعليق

ريحانة ..

ريحانة .. الشهيدة ووصيتها العظيمة

ترجمة لوصية مهندسة الديكور الإيرانية، ريحانة جباري، 26 عاما، والتي تم إعدامها السبت الماضي في إيران بتهمة قتل ضابط الاستخبارات الإيرانية، مرتضى عبد العلي سربندي الذي حاول الاعتداء عليها جنسيا، والوصية تخاطبب فيها أمها شعلة باكرفان، وتحمل الوصية إدانة بليغة للنظام الإيراني.

نص الوصية:

“عزيزتي شعلة، فهمت اليوم ما سيحدث، وأن ميعاد تنفيذي حكم القصاص قد حلّ، أنا حزينة، لأنك لم تخبريني أنني وصلت آخر صفحة من كتابي، أليس من حقي أن أعلم؟ أتدرين كم أنا خجول على حزنك، لِمَ لَمْ تمنحيني الفرصة لاعتذر وأقبل يديك، ويدي أبي لمدة قصيرة”.

سمحت لي الحياة بأن أعيش 19 عاما، وتلك الليلة المشؤومة والتي كان يجب أن أقتل فيها، جسدي كان سيلقى في زاوية في المدينة، وبعد أيام من القلق ستستدعيك الشرطة إلى الطبيب الشرعي للتعرف عليّ، وستدركين أنه تم اغتصابي، القاتل لن يظهر على الإطلاق لأننا ليس لدينا نفس قوته، وسيتسمر الجميع في إيلامك، وتحقيرك، وبعد عدة سنوات ستموتين وتنتهي.

لكن بتلك الضربة اللعينة تبدلت القصة، جسدي غير ملقى في الطرق، وإنما في قبر سجن إيفين، وعنابره الانفرادية، والآن وصلت في سجن “مقبر” مثل شهرري، لكن سلمت بقدري، ولم أبك على الإطلاق، إنت تعلمين أكثر مني أن الموت ليس نهاية المطاف، إنت أخبرتيني أن كل إنسان يأتي إلى الدنيا حتى يكتسب التجارب، ويأخذ درسا، أنه مع كل مولود توضع رسالة على كاهل إنسان أخر، تذكرت أن على المرء أن يقاتل أحيانا”.

أذكرك بقصة الفيلسوف نيتشه التي كنتي تقصيها علي، والتي تحث على الاعتراض في وجه الرجل الذي كان يعذب حصانه، إنت قلتي لي أن لكل شخص مبدأ يجب أن يدافع عنه، حتى ولو مات في سبيل ذلك، أخبرتيني عند الذهاب إلى المدرسة يجب أن أكون سيدة في وجه المشاكل، وأفعال الصغار، أتتذكرين كم كان سلوكي يتأكد، تجربتك كانت خاطئة، وعندما وقع حادث لي لم تساعدني تعاليمي، سلوكي الهادئ في المحكمة جعلني اتهم بالقتل بدم بارد، وبقسوة، لم أبك، ولم أقدم التماسا، لأني اطمأننت إننى في حماية القانون، لكني وقفت صامدة أمام اتهامي.

أترين، أنا لم قتل حتى البعوض، وكانت اخرج الحشرات فقط بعيدا عن السجاد، والقاضي لم يتعب نفسه بأن ينتبه أن وقت الحادث لي أظافر طويلة ومصقولة، ولم ينتبه إلى أن يدي ليست مثل الملاكم، وكأنه ضربا من الخيال أن تتوقع من القضاء العدل والإنصاف، إنه لم يكلف عناء نفسه بأن يسأل بأن يدي ليست خشنة كالملاكمين، في هذه الدولة التي زرعت في قلبي عشقها، لا أحد يريدني، ولا يدعمني، وعندما كنت أصرخ، وأنا رهن لكمات المحقق، واستمع إلى أفظع الكلمات، وعندما أبعدت عن نفسي أخر علامات الجمال، وقصصت شعري، أخذت جائزة، 11 يوما في الزنزانة الانفرادية.

حبيبتي شعلة، لا تبكي على ما تستمعيه مني الآن، فإني في أول الأمر اعتدى علي مأمور الشرطة بسبب أظافري، أدركت شيئا، أن الجمال غير مرغوب فيه بهذا العصر، جمال المظهر، الأفكار والرغبات، جمال الخط، جمال العين والرؤية ولا حتى الصوت الجميل.

أمي العزيزة، لقد تبدلت رؤيتي للعالم، وهي ليست من مسؤوليتك، حديثي لا نهاية له، واعطيتها إلى شخص، حتى إذا ابتعدت يوما عن ناظرك، ولم تدركي خبر إعدامي، بإن يوصلها إليك، وتركت لكي العديد من أوراق المرثيات لي، ولكن قبل وفاتي أريدك إن تهيئه لي بكل ما أوتيتي من قوة.

حقيقة إنه شيئا، أريده منك ومن العالم بأسره، أدرك أن هذا الأمر يحتاج لوقت، ولهذا فإني سأقول هذا الجزء من وصيتي سريعا، لا تبكي لله، واسمعي، اريد منك بأن تذهبي للمحكمة، وتقولي للقاضي، أن كتابة مثل هذه الرسائل والتي تصل بتأييد من رئيس السجن، غير متاح لي، ويجب انت تتعذبي من أجلي مرة أخرى، وهذا هو الأمر الوحيد الذي إذا اتصلت بك فإنني لن ارتاح، لقد قلت لك لعدة مرات، لا تتصلي من أجل نجاتي من الإعدام.

أمي الحنون، شعلة حبيبتي، أعز إليّ من روحي، لا أريد أن أوارى الثرى، لا أرغب في أن تجف عيني أو قلبي الشاب، التمسي بأن يتم ترتيب ما يلي، بمجرد شنقي، بأن يتم نزع القلب، والكلية، والعين، والكبد، والعظام، والعيون، وكل عضو قابل للزراعة في جسم آخر، ويتم إهدائه إلى شخص في أمس الحاجة إليه، لا أريده أن يعرف أسمي، ويشتري لي وردة، أو يقرأ لي الفاتحة، أقول من صميم قلبي، لا أريد أن يكون لي قبر، بحيث تزوريه.

لا أريدك أن ترتدي الأسود علي، وأبذل قصارى جهدك حتى تنسي أيامي الصعبة، انثريني للرياح، فإني لا أحب حياتي، ولا أريد مصيري، وقد سلمت إليه، وأرحب بالموت بصدر مفتوح، لأني سأتهم في محكمة الله، مأموري المخفر، المحقق شاملو، القاضي، وقضاء المحكمة العليا، والأشخاص الذين عذبوني، ولم يتعبوا من ذلك، سأشتكي في محكمة الخالق الدكتور سربندي، قاسم شعباني، وجميع الأشخاص الذين لم يعطوني حقي سواء عن عمد أو دون عمد أو من باب الخوف، ولم ينتبهوا إلى أن ما هو في الواقع متفاوت في حقيقته.

شعلة قلبي الحنونة، في العالم الآخر، في المحكمة الباقية، سنشتكي أنا وأنت ونتهم الآخرين، حتى نرى ماذا يفعل بهم الله، أمي أريد أن أكون في حضنك وأموت.Reyhaneh_Jabbari


أضف تعليق

هلوسات ..

ليس من السهل أبداً أن تكتب عن ما يدور في ذهنك
أنا مثلاً كيف سأكتب لكم و هل ستفهمون إن حولت كل الأوهام المحشوة داخل جمجمتي المهترئة أحزان إلى كلمات ستبدو لكم مملة بعض الشيء !
كيف سأخبركم بأن وجه أمي كل صباح يصفعني بالحسرة
أمي في الواقع تبدو أجمل من أمي الجالسة في أسفل جمجمتي
في جمجمتي تنقر نافذة رأسي ب الطلبات و التحذيرات و الإرشادات
اصفع أمي بحقيقتي و أقول لها بكل لؤم ” خلص بقى أنت أمي مو معلمة بلمدرسة ”
فتصمت و تجلس على يمين جمجمتي و تبكي
تبكي أمي مثل الأطفال الصغار .. جدآ
كلما شعرت بالضيق أو الشوق لدمشق و أهلها
و انظر لها أنا بهدوء تام و ابتسم .
على سيرة الابتسامات علقت كل الابتسامات في آخر غرفة بجمجمتي
و كلما زارها أحد دون ابتسامة
أركض أركض بسرعة مثلما ركض خلفي الشبيح الحقير بعد أن ‘ فركشنا ‘ بالمظاهرة
و حاول ان يمسك بي لكنه صديقي الشهيد وقف في وجهه ، و وقفت رصاصة مسدس الشبيح في منتصف قلبه .. قلبه الذي كلما ركضت إلى غرفة الابتسامات يقف في وجهي و يقول لي
‘ لا تنسي ما تهربي ‘
وين بدي اهرب ! أكتب هذه الجملة على عامود في كلية الاقتصاد و أمضي دون أن التفت إلى الوراء .
في كل محطة من محطات السفر امضي دون أن التفت إلى الوراء .
يأكلني الندم أنا التي لم أندم على شيء في حياتي
يأكلني الآن الندم و الحسرة
الحزن أيضاً
يأكلني بشهية و لذة لا توصف
ليس لأنني تخليت عن قلبي مقابل قضيتي
لا أبداً
لكن لأنني أدركت متأخرة جداً ان الحب يأتي مرّة في الحياة
مثل الثورة !
بعد عدة أيام سأكون قد أكملت عاماً كاملاً في الدوحة
في هذا القبر الممل
أجهز الآن أدوات الحفر في الطابق الثاني من جمجمتي
لأحفر ممر سري إلى اليرموك
سأحمل معي شيء واحد فقط
ماء قلبي ليشرب من يحاصرون هناك.
و أبكي . أهذي . أضيع .انكسر . ابتسم
و أدفن جمجمتي وسط ركام منزلي .


أضف تعليق

وجع .. ربما .

منذ عدة اسابيع وصلتني حالة ” أرملة ” معترة
استشهد زوجها تحت التعذيب رغم انه ليس له علاقة بأي شيء بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد …

بعيداً عن موضوع الحالة و بعد مساعدتي لها وبعد ان اطمئن قلبها بأن هناك دوماً ” معترين ” مثلها .. أخذ حديثنا يتعمق أكثر …

بدأت تسألني عن نفسي .. ولماذا لم اتزوج للأن
قالت لي ” ماشالله متل القمر انتي ليه لهلا ما انخطبتي ؟ ما بدك يعني ؟ ”
ابتسمت وقلت لها ” لا ما بدي ”
سألتها عن زوجها .. كي اهرب من هذا الحديث الممل , كانت الحسرة ظاهرة بصوتها الذي اصبح / حنون زيادة عن اللزوم / ما أن بدأت تتحدث عنه
” بشتقلو كتير . وبتمناه يكون جنبي بهل ظروف انا مالي حدا بلعالم غيرو
قتلو تحت التعذيب .. ما شاف بنتي الي كنت حامل فيا ولا لحق يعرف اني حامل ما حدا مصبرني على هل دنيا الوسخة الا بنتي , خلص خالة ما بدي حملك فوق همك ”

للحظة احسست ب العجز , القهر , الثأر , العار , و الخذلان .
أكملت حديثها وقالت .. ابني بسوريا هو عسكري ب الجيش .. هلا خطب بنت عمو وبس يتسرح رح يتجوزها !

قاطعت حديثها وقلت لها ” ما بتزعلي انو ابنك عم يخدم الجيش الي قتل ابوه ! ”

بكت وقالت لي .. شو طالع بأيدي أعمل ؟ مو احسن ما يقتلولي ياه ويلحقو بأبو ؟
ثم أكملت حديثها و قالت .. ” بدو يتجوز .. وتاركني لحالي .. بلا ما يساعدني
كل تربيتي الو راحت هيك ع الارض
انا مالي سند يوقف معي مالي الا الله احسن من كل العالم .
بقعد هيك بفتح صوري انا وزوجي و ولادي يا الله شو كنا حلوين يا خالة
ويا الله هلا اديه نحنا بشعين و بعاد عن بعض كتير ..

وضايعين متل البلد . شكراً الك خالة الله يجزيك الخير ويبعتلك ابن الحلال الي يستر عليكي ضلك طمنيني عنك خالة “.
_________________________________________

يا الله اديه وجعنا كبير يا خالة … كلنا .
قلت هذا في سري و اغلقت الهاتف …
بحثت عن دموعي لأبكي . فلم أجدها ….

حتى الدموع تخلت عنا .. وهربت
مثلما فعلنا ببلادنا .


أضف تعليق

في منزلي !

في منزلي .. لن أعلق صورة لي على الجدران ..
الجدران للكتابة فقط !
سأكتب كل اسماء / المعترين / الذين قابلتهم في حياتي
و سأكتب امنيات / أطفال المخيمات و النزوح /
سأشتري الكثير الكثير من الألعاب و أعطيها لكل طفل أقابله في الطريق
سأكتب على جدار غرفة نومي .. احزان عاشقة فقدت حبيبها المقاتل
سأكتب آهات أمهات الشهداء و أرسم أحلام اصدقاء اللجوء
سأرسم ابتسامات كثيرة هنا و هناك
و أعلق اصابعي المحشوة ” سكر ” في سقف الغرفة
لن أحتاج إلى الأضواء في منزلي ليلاً
عيون الأطفال و هي تضحك تضيء أكثر
في منزلي الصغير , سأكتب على البلاط بأظافري
ذكريات المعتقلين و المعتقلات و أزرع دموعي تحته
لتنمو أزهار الملح … في كل الزنزانات !
” على هامش الخيال ”
إلى أن ينتهي تشردي هذا .. و أملك منزل
سأكتب كل هذه الأشياء هنا على جداري  المهترء
سامحوني . و تحملوا